رمضان البداية

رمضان هو نافذة السماء المفتوحة، حيث تهلّ بركات الرحمة والإيمان كنجوم تُضيء دروب القلوب.

أعرف وأتأكد من محبة الله لنا، من وهبه لنا رمضان. شهر كامل من الطمأنينة والسكينة والرحمة، يبدأ من الصيام المُطهر والمُزكي للنفس، حتى التراويح والقيام مُستراح لقلوبنا، وقراءة القرآن الشافي لأرواحنا.

وأرى دائمًا رمضان شهر فرصة، وبداية، والتزام، وتهذيب. فشهر رمضان هو فرصتك الأولى وبدايتك الثابتة للسكينة، ومن المفترض ألا نركز على بدايات السنين بقدر البداية الأصح والأفضل وهي بداية رمضان، فاجعل رمضان هو بداية صلاحك وطمأنينة بالك وروحك وتهذيب لنفسك.

 

لو يتساءل المرء لماذا كُتب علينا الصيام فيه؟ حينما أتأمل أجد بأن الله سبحانه أراد أن يربينا أن نتصبر أن نتجلّد على طاعته ومنها أن نرضى، عسى الله أن يملأ صدرونا بالرضا. والتصبر على الصيام ومقاومة الرغبات جميعها، إلى الالتزام على قراءة وختم القرآن وصلاة التراويح والقيام، لكن بعد مرور وقت وصبر تجد نفسك وروحك تشتاق لها وتهفوا إليها وترتاح بفعلها وجوارها.

 

كنت في ذا عمر صغير مضى، إذ كان رمضان ثقيل من صيام وصلاة وقراءة للقرآن، لكن بعد تصبر وجهاد بانت لي الثمرة، ما إن يلتزم الإنسان بشهر كامل من صيام وقيام وقراءة للقرآن، ليصل آخر الشهر “وغالبًا منتصفه وبدايته” حتى يشعر بالرضا وشعور أنه فعل فعلًا لنفسه طاع ربه وقام فرضه. فيجازينا الله بالعيد على خير عملنا، وهذا غير مجازاته لنا من حسنات وعتق من النيران بإذن الرحمن.

 

إذًا لماذا رمضان هو أعظم بوابة وفرصة للبداية؟ لأن العبادات التي نلتزم بها تُقربنا إلى الله، ويوم بعد يوم نتمسك بختم القرآن، ثم بالأذكار وهكذا.. ولذلك رمضان هو شهر لإعادة ضبط النفس. فكون رمضان شهر للصيام والعبادة فهو شهر لتزكية النفس والرقي بها، وهو أكبر فرصة لتهذيب الذات فيه.

 

أما عن أجوائه الساحرة والمليئة بالروحانية فهي تبهج قلبي وتغمر روحي بالدفء، لمة الأسرة والعائلة ضحكات الجدة وأحاديث الأخوال والخالات.. رمضان لا ينفك أن يجعلني أنغمر بدفءٍ لا حد له، حتى قهوة ما بعد الإفطار وعمل أكواب لا نهائية من قهوة سوداء لإنقاذ رؤوس الجميع. شعور الألفة هذا الذي يُعاد منذ أن كنت صغيرة، مذ كُنت أذهب للتراويح رفقة جدتي وحتى أن كبرت، يغمر روحي بحنين هائل. والإفطار أمام البحر وزيارة البلد، فأظل ممتنة جدًا على أن منحنا الله عوائلنا ودفء قلوبنا، على أن جمعنا واختارنا رفقة أشخاص يجعلونا نعتز بمعرفتهم.

 

وأما عن التهاني من الجميع تجعلني أشعر بقوة المسلمين وكأننا في منزل واحد، اتصلت على خدمة عملاء وأول ما بادرت المحادثة باركت لي بالشهر، ابتسمت جدًا شعرت وكأن لا على الأرض إلا مسلمين يتبادلون التهاني ويدعون لبعضهم البعض، ويوصون بعضهم ويساندون أخراهم.

 

رمضان يجعلني أتأمل في كل شيء، فلا تفيه كلمات، فهو قربٌ من الله وطمأنينة بال، و ألفة عائلة، وحُب وسعادة، وأفراح المسلمين الواحدة.. ولمسة الروحانية التي تُحيطنا، والتي تزخر بالبريق والسعادة الضاحكة.رمضان هو فعلًا البداية لكل شيء.

أتمنى لكم في هذا الشهر الكريم أن تنالوا كل دعواتكم، وأن تطمئن أفئدتكم.

الشهر عليكم مُبارك يا أحبة.

Related posts

القراءة شغف الحياة

الوحدة الثريّة

الحُب في تجليات شعريّة