في مساعي الحياة ودروبها التي لا تنتهي، من تحقيق لأهدافٍ والسعي وراء حياة مُرضية، توصلت إلى أربعة مراحل أساسية بإمكانها أن تُعينك للوصول لعادات مُثمرة وطيّبة.
وبالطبع خلق عادات جديدة صحية ومفيدة ستخلق منك شخص رائع ومُنجز، وتجعل لحياتك بريق سعيد، مما سيساعدك بالمقابل بأن تصل لأهداف ونجاحات تريد تحقيقها، وهذا هو المهم فالإنسان خُلق لعبادة الله ثم لعمارة الأرض، وكلٌ خُلق لما هو مُيسرٌ له.
سأذكر لكم مثالًا لكن قبل ذلك سأذكر لكم قول الكاتب جيمس كلير، حينما قال: عملية تغيير السلوك تبدأ دائمًا بالوعي. فأنت بحاجة إلى أن تكون واعيًا بعاداتك قبل أن تستطيع تغييرها.
المرحلة الأولى: الوعي.
كوننني قارئة سأذكر مثالًا من وحي القراءة والكتب، تجربتي تلك كانت فارقًا كبير إذ أصبحت أقولها لكل من يطلب النصح مني.. ذات عام مضى كان هدفي أن أقرأ أكثر وأن أنجز في إتمام الكتب أكثر مما قبل، حاولت مرارًا برسم الخطة والهدف لكنها كانت تبوء بالفشل دائمًا، حينما تأملت الموضوع اكتشفت وتوصلت لفكرة أن بإمكاني الانتهاء من أكبر أهدافي بخلقها عادة لا بجعلها هدف يُكتب ويخطط له، بل بجعلها نمط عيش وضمها في أسلوب الحياة كلها، تاليًا استنهجت وردًا للقراءة ثابتًا في يومي، تدرجت من الخمسين صفحة إلى المئة وهكذا، بعدها كان الإنجاز واضح جدًا. وهذا المثال أقل ما في الحياة من أمثلة عدة.
العادات الجيدة ليست فقط باب للإنجاز والنجاح، بل لتقليل الضغوطات ولتحسين المزاج وتعزيز الثقة؛ لأن خلق عادات لطالما رغبت في تحقيقها في حياتك يجعلك أكثر رضًا وسلام.
وحتى تكون أكثر ثباتًا في الاستمرار على عاداتك، دائمًا تخيل النتيجة واجعلها صوب عينيك، تلك النتيجة السعيدة والتي ستكون ذا طابع مُريح ومُرضي لروحك ولنفسك، وتحقيق كبير لنجاح في حياتك، وحتى لو كانت ذات صِغر الأهم أنها ذات كِبر في عينيك.
المرحلة الثانية: استبدال العادات السيئة بأخرى جيدة.
أكبر وحش في خلق عادات جديدة جيّدة، هي العادات السيئة وأفضل حل لقتلها وإنهاء حياتها، هو استبدالها بعادات أفضل.
يقول جيمس كلير في كتاب العادات الذرية: عملية تغيير السلوك تبدأ دائمًا بالوعي. فأنت بحاجة إلى أن تكون واعيًا بعاداتك قبل أن تستطيع تغييرها.
– مثال جانبيّ: حينما تُحرق الأرض الزراعية الخَربة، تصبح خصبة كالسابق وأعلى.
وكذلك في أسطورة طائر العنقاء الذي يولد من رماده، كذلك هي عاداتنا السيئة بإمكاننا حرقها وخلقها من جديد بعادات جيّدة، وبعثها من الرماد مُجددًا.
المرحلة الثالثة: مجاهدة النفس والمداومة على التحفيز الذاتي.
صحيح بأن الفكرة ليست سهلة كما كتبتها لكن الحياة مجاهدة ومجاهدة النفس أعظمها. ذُكر عن بعض السلف أنه قال: “كابدت قيام الليل أربعين سنة، وتلذذت به عشرين سنة” والشاهد هُنا أن اكتساب العادة يحتاج مجاهدة للنفس وصبرًا على التغيير ووقتًا للتعود عليه.
ذكرت مجلة knowablemagazine في مقالة The science of habits أن: البداية الجديدة وحدها لا تكفي. أغلب قرارات العام الجديد لا تنجح.
تقول عالمة السلوك Katy Milkman من جامعة بنسلفانيا: معظم الأشياء تتطلب أكثر من لحظة واحدة من التحفيز.
وذلك تحت مبدأ أن الأشياء والعادات لابد من شحذ الهمة فيها والتحفيز الدائم عليها، وكما قيل في المجلة السابق ذكرها أن البداية الجديدة وحدها لا تكفي! فلا بداية السنة ولا يوم الأحد يُغني عن عزيمة قوية وتحفيز ذاتيّ دائم.
تصحيح العادات وجعلها على طريق سويّ صحيح، هي أفضل من قوائم الأهداف المطولة بعيدة المنال!
المثل يقول “قل لي من صاحبك أقول لك من أنت” وعلى الصعيد الآخر يقول جيس كلير في كتاب العادات الذرية: أحط نفسك بأشخاص يمتلكون العادات التي تنشدها في نفسك، وستُحَقِّقُون التقدّم كلكم معًا.
المرحلة الرابعة: اجعل من عاداتك حياة لا نهاية لها بإنجاز المبتغى منها.
أكبر عقبة في تغيير العادات والالتزام فيها؛ عقبة الملل! لذلك قاومها دائمًا بالتجديد في حدود لا تجعلك تخسر نفسك أو تقلل من شعورك اتجاهك.
إذا رغبت في الوصول إلى حياة أيسر وعيش مُستصح وطيّب؛ انسَ فكرة تحديد الأهداف واللحاق ورائها، وركز على خلق نظام بعادات صحيّة تُريدها، وهذا بالضبط ما سيخلق لك أثرًا باقيًا لا يُنسى.
يقول جيمس كلير: ليس النجاح هدفًا نصل إليه أو خط نهاية نجتازه، بل هو منظومة من التحسّن، وعملية لا نهائية من التنقيح.
ذكر موقع bigthink : العادات تشبه الاختصارات، فهي أشياء يمكننا القيام بها بسرعة ودون تفكير لأننا فعلناها في كثير من الأحيان حتى أصبحت تلقائية.
لذلك اجعل من عاداتك الجديدة والجيّدة، اختصار تفعله بسرعة وتلقائية بلا أدنى تفكير.
– تذكير جانبيّ من كتاب داو دي جينغ: يولد البشر طَيِّعِين وَسَهْلٍي التشكيل، أما الموتى فهم متصلِّبون ومتخشِّبون. تولد النباتات غضة وطرية، أما النباتات الميتة فجافة وسهلة الكسر. وهكذا فأي شخص متصلّب وعديم المرونة إنما يبتغي الموت. وأي شخص طيِّع ومتأقلم إنما يبتغي الحياة. فالجاف المتصلّب سينكسر. والطيِّع سهل التشكيل سيسود.
فكونوا لينيّن كما النبتة خفيفين كما النسمة، وعيشوا بكل خفة، واخلقوا من أجلكم حياة طيّبة يسيرة وهينة.