ليلة ماطرة

في ليلة شاعرية وشعرية على حدٍ سواء.. نتحلق حول والدتي أنا واخوتي بعدما أعدت لنا مشروب الشتاء الدافئ والمحبب إلى قلوبنا “السحلب” تحتضنه يداي وأقرأ على وقع صوت المطر بالخلفية وعيني الأخرى على ابتسامة أمي البراقة التي في كل مرة تعيد تساؤلاتي الداخلية هل نحن في الليل أم هل ظهرت الشمس مجددًا على حين غفلة جراء ابتسامتها المُشعة؟ فأتذكر الاقتباس الذي قاله أحدهم: ‏”في حياة كل إنسان شمس بشرية صغيرة تضيء حياته، مثلما تضيء شمس الدنيا العالم” فأبتسم لأنها الشمس الأولى التي رأيتها في حياتي وجعلت ما بعدها مُشرقًا يكتسب من صفتها الوضاءة كل ما هو برّاق.

أعود للمشهد بعدما استفضت نورًا مشرقًا في منتصف ليل حالك!

نمضي هذه الليلة نستذكر قصائدًا متعددة من حب امرؤ القيس وحتى قوة عنترة بن شداد. نستقر عند قصيدة حديقة الغروب، لغازي القصيبي -رحمه الله- فألقي عليها بلحن شجيّ وأرى رِقة أبيات القصيدة وأثارها على ملامحها، أمي مرهفة الاحساس والتي تمر الكلمات من قلبها قبل لسانها مرآة للجمال والحياة هي.. القارئة والمتذوقة للشعر والكاتبة في أحيان أخرى.

أعيد تكرار بيتٍ من القصيدة لا ينفك يعاد إلى ذاكرتي بكل مرة ومرة..

من بيت يقطر رِقة:

أيا رفيقة دربي.. لو لديّ سوى عمري

لقلت: فدا عينيك أعماري

 

إلى بيت يقف بكل كرامة وشجاعة:

وإن مضيت.. فقولي: لم يكن بطلا

لكنه لم يقبل جبهة العارِ

 

إلى نهايتها المتضرعة بالحب الإلهي:

يا عالم الغيب ذنبي أنت تعرفه

وأنت تعلم إعلاني .. وإسراري

وأنت أدرى بإيمان مننت به

علي .. ما خدشته كل أوزاري

أحببت لقياك.. حسن الظن يشفع لي

أيرتجى العفو إلا عند غفار؟

 

إنها قصيدة خلابة، رقيقة وقوية وذات عناد بارز أخاذ، تجعلها من مفضلاتي الدائمة والتي لا أمل قراءةً واستماعًا لها.

والآن وأنا مستقرة على أريكتي بيدي كتابي وأمامي كوب سحلب آخر، نسيم الليل الشتويّ المشبّع برائحة الندى والمطر ينتشر في أرجاء الغرفة أعيد تذكر الليلة السابقة وأبتسم ما الأيام بلا أمهاتنا وما الأوقات بلا شعر يحي قلوبنا؟

Related posts

بوابة العبور… حين تخفّ سرعة الحياة

يوم زفافي، زفاف أبيض سعيد

رمضان البداية

8 تعليقات

هيا يناير 13, 2025 - 8:45 م
قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي كل مره استمع لها او اقرأها تكون بشعور مختلف وتأمل مختلف كانت و ما زالت قصيدتي المفضله🤍 ،ومن مفضلاتي ايضًا اول قصيده نشرت له وهي "‏ماذَا يُفِيد تأوهي ودموعي ‏لَيسَت ليالينا بِذَات رُجُوع ‏مَرَّت سَريعاً كَالخَيال وَخَلَّفَت ‏أَلَم الحَزِين وَحَرقة المَوجوع"
أحرف عائشة يناير 13, 2025 - 9:16 م
غازي مذهل بداياته ونهاياته مميزة ولافتة بشكل أخاذّ جدًا, كذلك قصيدته التي ذكرتيها وقعها مختلف.. ذوقك رائع ومتميز مثلك هيا شكرًا لمشاركتك اللطيفة مثلك🤍
ميثة يناير 14, 2025 - 10:20 ص
كالعادة النصوص تفيض بالدفء .. وفعلا من نحن لولا الشعر أو شمس تضيء لنا حياتنا. مبدعة صديقتي كعادتكِ 💙.
أحرف عائشة يناير 14, 2025 - 1:41 م
حبيية قلبي وصديقة دربي، شكرًا لفيض لُطف كلماتك وحبك، وصدقيني هذا الابداع قليل مما عندكِ🤍🤍
جنى يناير 15, 2025 - 7:27 م
مشروب الشتاء المُفضل🤍
الحُب في تجليات شعرية – مدونة عائشة فبراير 6, 2025 - 12:41 م
[…] ولن أستشهد بقول غازي القصيبي في قصيدته حديقة الغروب رغم قلبي الذي يُحبها ويود ذكرها، لكنني ذكرتها في قراءة شعريّة ليلية في تدوينة سابقة  ليلة ماطرة […]
ساره فبراير 10, 2025 - 9:49 م
ارتوئ داخلي بالدفء جراء قراءتي لأسطر هذه التدوينة، حقيقة رائعة رائعة 🤎
أحرف عائشة فبراير 13, 2025 - 12:24 م
الأروع هنا يا سارة قراءتك لها فعلًا فشكرًا لك🤍
Add Comment