البحر الوجهة الأولى للسكينة

مصدر إلهامي، هدوئي، وطمأنينتي

بواسطة أحرف عائشة

إذا كنت ترغب في التخلص من الإجهاد اليومي، وإعادة شحن بطارياتك، فإن أفضل مكان لذلك ليس الغابة، وإنما البحر.

في يومٍ عادي خرجنا للبحر، تحلقنا حول القهوة والشاي وفي صدر مجلسنا أمنا الكبرى “جدتنا” جميعنا نتحدث ويكاد لا يسعنا عنان السماء من حبنا ودفء قلوبنا.. النسيم يبعث الكثير من الطمأنينة والهواء البارد خير جليس في المكان! نصمت جميعنا و نتأمل البحر بأمواجه و تقلباته فأرى انعكاسًا لي فيه بعمقه وصمته و هدوءه وربما تقلبات أمواجه! تمر الطائرات و تزعق النوارس و تزقزق العصافير.. القوارب تمر بكثرة و كل قارب بأهله فيه يتضاحكون و كلًا بباله الرائق يغني و ينطرب،  بينما أردد بيني وبين نفسي “كان يا ماكان الحُب مالي بيتنا و مدفينا الحنان”

و بالكاد أزحزح عيني عن البحر أكاد أطير مع النوارس وأكاد أسبح مع السمك، وأهيج مع الموج وأستقر على سطح البحر.

للأشياء دومًا متنفس لنا، فحينما نتأملها نشعر و كأن الكون هادئ و الأمور على مايرام، خصوصًا البحر و هذا يؤكده موقع”Spektrum” والذي نشر مقالًا، قال فيه: “هو أن البحر يتميز بالحركة المستمرة ويتغير مظهره باستمرار بسبب حركة الأمواج والرياح. ويمكننا أن نلهي أنفسنا بسرعة من خلال الرؤية والضوضاء عبر الإنسجام في مشهد طبيعي مثير للإعجاب.”

دائما تقول جدتي: اذهبي للبحر وارمي همومك فيه، وتقول خالتي: عندك دموع نروح للبحر؟

كوصف لائق و كأن البحر جلسة نفسية بدون طبيب نفسي، أو طبيب نفسي متاح لك بلا أي شروط.

وفق دراسة حديثة نشرها موقع “stern”  الألماني أوضحوا و قالوا: “إذا كنت ترغب في التخلص من الإجهاد اليومي، وإعادة شحن بطارياتك، فإن أفضل مكان لذلك ليس الغابة، وإنما البحر.” وهذا خير دليل بأن الموضوع يتعدى اعتقاد عائلتي فحسب!

دائما أذهب برفقة خالتي للبحر بأيدينا أكواب القهوة السوداء و قطع حلوى، نسويّ بساطنا و نفترش الأرض ونتأمل، أعيننا على البحر، نتحدث برهة، نبكي برهة، و تطبطب احدانا على الأخرى ..

في كتابي المرافق “الدقل” وهو الجزء الثاني لثلاثية حنّا مينه عن بحّار حقيقي يصف ولعه و حبه العظيم و الجارف للبحر و لعلي حينما أقرأه لا أسمع إلا أمواجه وصدى النوارس في أذني، أوصافه رقيقه فيما يخص البحر، و أعتقد جميعنا أنا وحنّا مينه منجرفون بلا حدود خلفه.

يقول حنّا مينه: ” إن البحر كان دائمًا مصدر إلهامي حتى إن معظم أعمالي مبللة بمياه موجه الصاخب “

دائما أشعر وكأن البحر مرآة لي هدؤه فجرًا، تدرجات ألوانه الزرقاء طوال اليوم، أمواجه الهادئة و الغاضبة ، المتحمسة، و كونه سرٌ كبيرٌ غامض ويتلهف الكثيرون من أجله. لا للشيء إلا أنه بحر ومصدر كبير للسكينة والراحة والإلهام!

لو شعرت بحزن مرة أو اجهاد نفسي، اذهب لأقرب منطقة بحر لديك وتنعّم ببال ونفس مستكنة مطمئنة، ولو زرت بحرًا مسبقًا ستؤكد كلامي حينها، و بالطبع يسرّني أن تشاركني تجربتك عنها كذلك.

أتمنى لكم أيام هادئة مليئة بطمأنينة البحر، مستقرة كالسماء و أكثر.

4 تعليقات

جنى ديسمبر 12, 2024 - 7:39 م

اه يا لجمال كلماتكِ! فعلًا البحر مكان للتنفيس عما بداخلنا و لرمي همومنا عنده كلمات جميله منكِ كالعاده يا كاتبتنا عائشه🤍

رد
أحرف عائشة ديسمبر 12, 2024 - 11:41 م

ويالَ جمال ردك جنى، شكرًا لقراءتك و وقتك🤍

رد
نسيم ديسمبر 13, 2024 - 8:26 ص

ذات يوم،حيث كان الحُزن يعتصرُ قلبي
حدثتني الشمس،بل حثتني
إذهب له ، إخلع الجوارب و الحذاء، تجرذ من القوة و آكشف الغطاء
سر له
و أنظر كيف ،سينجلي حُزنك و كربك
أملئهُ بك ،لتتطهر ،لتُمحى خطاياك…
ذات يوم أخبرتني الشمس
أنها تتذكر جدي حسن _نوخذة البحر_
أخبرتني عين العالم ، المُطلعة على كل شيء
أنها ما زالت تتذكر ذلك الرجل قبل 50 عاماً
، حثتني و قالت لي :هَلمَ ياولد !
وأحيي شعيرت والدك!
*****
أتمنى أن يمنحك البحر ما تمنحيه من شعور
و أن يهديك من أسمك نصيب و يستثني لك من العِيش أجمله
و أن تعيشي عيشةً هنية.

رد
أحرف عائشة ديسمبر 14, 2024 - 8:26 ص

كلماتك رقيقة جدًا يانسيم، ولك من اسمك نصيب فعلًا، وأتمنى لك كما تمنيتي لي وأكثر بكثير، شكرًا للطفك ولرقتك نسيم.

رد

أترك تعليق هنا

منشورات مقترحة

جميع الحقوق محفوظة مدونة أحرف عائشة 2024 

-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00