سلام النهايات

نهاية تمتلئ بالأماني والآمال.

بواسطة أحرف عائشة

على غرار ما قاله محمود درويش: وأَنتَ تخوضُ حروبكَ، فكِّر بغيركَ [لا تَنْسَ مَنْ يطلبون السلامْ].

لكنني سأقول: وأنتَ في نهاية السنة تستعد لدخول أُخراها لا تنسَ أن تجلب معك السلام.

في معمعة الحياة وزخم البدايات وعِدائنا للنهايات، أود أن أقول بأن للبدايات دائما طعم مميز لن ينكره أحد، وللنهايات طعم ثقيل خلاصة الأيام والوقت الطويل. لذلك لا تَقِل النهايات أهميةً عن البدايات. إذا اتفقنا هنا نستطيع أن نكمل سوية قراءة ما يأتي تاليًا..

أعلم تمام العِلم بأن زخم البدايات والنهايات على صعيد السنين بالأخص مرهق وثقيل، من أهداف وتحقيق أحلام ودروب نود اللحاق بها.. لكن الأمر أبسط مما أظن وتظن، إذ أن للحياة هدف واحد لا غير خلقنا الله لأجله؛ عبادته سُبحانه وتعالى وعمارة الأرض، عمارتها بالتقوى وبالعيش السويّ والعلم الذي يفيدنا في ديننا ودنيانا، وجميعنا نعرف ذلك ولن أطيل هنا.

لكن مقصد حديثي بأن زخم الأهداف المطولة وتحقيقها ودورات الدروس التي تعلمك كيفية ملاحقتك لها، واهية إذ أن بإمكانك التركيز على هدف واحد أو حتى عشرة وأكثر بلا أي ضمير يُؤنبك ولا عقلٍ يُحزنك.

نحن في الحياة نمضي نعيش ونمر بالكثير، وفي اليوم الواحد نتعلم وننضج كثيرًا، حتى لو لم ترَ ذلك أو تستشعره.. فكما بعد الظلام نور، فوجودك مُهم وعيشك أهم.

تقول مي زيادة: كلا.. كلا.. لا ظلام في الحياة وإنما هي أنظارنا الكليلة التي تعجز عن مرأى النور في أبهى مجاليه.

فلا ظلام في الحياة، ولا ظلام في نهايات السنين ولا الدروب.

سرعة الوقت والحياة ورتم العيش السريع، جعلنا نستشعر مدى سُخف أهدافنا وطموحاتنا حتى ولو كانت كبيرة وعظيمة في أعيننا سابقًا، لذلك تَذكر بأن هدفك البسيط بعينك هو كبير جدًا مثلا: هدفك بأن تحيا و تعيش بشكل هادئ مطمئن هو هدف عظيم جدًا و كبير، ولا يصله كثير من الناس حتى.

فالفكرة ليس بطول الأهداف وكِبرها، الفكرة بمدى تأثيرها عليك أنت لا على شخص آخر

منذ فترة طويلة كنت أكتب الأهداف والطموحات كشيء مسلم به لأن الجميع يفعله، لكن هذا كان أكبر خطأ تعلمت منه تاليًا، أصبح هدفي وطموحي الأوحد هو السلام الأمان الطمأنينة السكينة والقَرار، ومنذ وقتها وأنا أركز فقط على وقتي لحظتي وعيشي، بعد ذلك أصبحت الأشياء التي لطالما رغبت بها تأتيني تِباعًا! والسبب يعود إلى أنك حينما تكون في سلام وأمان عقلك سينجز أكثر، ستصبح الرؤية لك واضحة، ولا بأس لو توقفت آلاف المرات، المهم أن تعرف من أنت وأن أرضك ثابتة ولا بأس بالوقوف أحيانًا كثيرة.

لو أردت أن تكتب أهدافك وطموحاتك تأكد من أنك تود ذلك فعليًا وليس بسبب تأثيرٍ خارجي عليك، في نهاية السنة لو لم تحقق ما كتبته في بدايتها فلا عليك، الدنيا سهلة يسيرة، والأمور جميعها من مُتسع.

يقول مصطفى صادق الرافعي: إذاَ استقبلتَ العالَمَ بالنّفسِ الواسعةِ، رأيتَ حقائقَ السرورِ؛ تزيدُ، وتتسِعُ، وحقائقَ الهمومِ؛ تصغُرُ، وتَضيقُ، وأدركتَ أنَّ دنياكَ إن ضاقتْ؛ فأنتَ الضيِّقُ لا هيَ.

في نهاية السنة سأنتهج قول الرافعي، وأستقبل العالم بنفس واسعة، فلا أُضيّق على أيامي حتى لا تضيق دنياي بي.

في نهاية السنة تأكد من أن تجلب معك الطمأنينة والسلام لبداية عام جديد، أن تحمل الله معك بقلبك ومن بعدها السلام سيُلازمك.. لا بأس إن عَددت الأهداف و حتى لو لم تحققها، و لكن الأهم أن تتمسك بالأساس بقلبك و بإنسانيتك و بروحك المسلمة المُسالمة.. في معمعة النهايات، لا تنسوا بأنه يوجد ضوء في آخر الطريق.

ملحوظة جانبية:

شخصيتك ونفسك السابقة فخورة بك وتنظر لك بأعين حالمة، ولو أنك لم تفعل شيئًا فيكفيك كونك أنت وكفى..  لا تقارن نفسك بغيرك، قارن نفسك بنفسك السابقة بالأمس وما قبله وهكذا. فهذه هي المقارنة العادلة.

قرأت قبل اسبوع اقتباس جميل في كتاب قاموس المشاعر الغامضة يقول فيه: أنت فريد من نوعك، ومحاط بمليارات الآخرين الذين يماثلونك فرادةً. كل واحد منّا مختلف، ويمتلك زاوية أخرى لرؤية العالم.

لذلك يكفيك كونك أنت وكفى.

وأرجوا ملئ قلبي على ألا نكون كما قال غازي القصيبي:

وعدتُ من المعارك.. لستُ أدري

علامَ أضعتُ عُمري في النزال

أتمنى لكم نهاية سنة آمنة وأن تبدؤوا قادمها بقلب آمن وروح مطمئنة.

كونوا لأنفسكم شمعةً تضوي الظلام، وتذكروا أن نهايات الأعوام ماهي إلا بداية تمتلئ بالأماني والآمال.

 

4 تعليقات

Cloud ديسمبر 24, 2024 - 8:03 م

المقال يشبه اليد الحانية على أفكارنا ، مثل معطف صوف في يوم بارد ، كلماتج مثل مهدىء لكل الخطط الي غضبنا إنها ما صارت . مثل شي رقيق في يوم عصيب .. لا غيب الله حروفج من أن تغيثنا بحنيتها.

رد
أحرف عائشة ديسمبر 24, 2024 - 8:06 م

ولا غيب الله وقع كلماتك ودِفئ تواجدك الدائم حولي، وكلماتي ومقالتي سعيدة جدًا كونها كانت دفًئا لروحك الحبيبة.

رد
هيا إبراهيم ديسمبر 24, 2024 - 11:13 م

وانا اقرأ تذكرت نفسي القديمه التي كانت تكتب قائمة طويله بالطموحات للعام الجديد ربما اكون قد انجزتها بنهاية العام لكنني اكون قد فقدت الطمأنينه بغالب ايامي
بالنهايه ان يكون لك خطط واضحه تناسب شخصك ما هو الاّ افضل شيء تقدمه لنفسك ولا تستنزفها
و عسى ان تكون ايامنا جميعًا مليئه بالطمأنينه والكثير من السلام
مثل وقع كلاماتك علينا🩵

رد
أحرف عائشة ديسمبر 25, 2024 - 8:19 ص

فعلًا يا هيا، أفضل خطط هي الي تناسبك نفس مايقول المثل “مد رجلك على قدر لحافك”
وشكرًا لجمال ردك 🤍

رد

اترك رداً على Cloud إلغاء الرد

منشورات مقترحة

جميع الحقوق محفوظة مدونة أحرف عائشة 2024 

-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00